You are here

الاقتصاد السياسي للصحة

مقــــدمة :
في يوم ما من تاريخ كل علم الاقتصاد كان الاقتصاد السياسي والاقتصاديون يقبلون بفكرة أن التوجيهات التي تعمل الأسواق في إطارها يجري تحديدها من خلال السياسة والتاريخ.  (وبالطبع أيضا تشكل حصيلة علاقات السوق السلطة السياسية والتاريخ). وقد اختار الاقتصاديون في التيار السائد من علم الاقتصاد في القرن العشرين أن يتجاهل السياسة التي تشكل الأسواق، وانشغل ربما بأناقة صياغة نماذجه الكمية عن الاقتصاديات والعلاقات الاقتصادية. وفي أثناء تلك الفترة أصبح الاقتصاد السياسي ينتمي بشكل وثيق بالماركسية التي احتفظت بالتركيز علي الأبعاد السياسية للاقتصاد. ومع ذلك، لا يزال المصطلح يستخدم من قبل غير الماركسيين، بل حتى الاقتصاديون الليبراليون الجدد. وحاول نهج الاقتصاد السياسي، في محاولته لفهم كيفية عمل الاقتصاد العالمي (وكيف يؤثر علي الصحة)، أن يضع التحليل الاقتصادي في قلب البيئة السياسية وحاول أن يفهم التفاعل المتبادل بين السياسة والاقتصاد.  
ويعترف الاقتصاديون السياسيون بمجموعة مختلفة من القوي المحركة(الديناميكية) التي تسير الاقتصاد العالمي. ويمكن أن توصف واحدة من تلك القوي المحركة بوصفها "النمو من خلال الإنتاجية".  وينطبق هذا علي الأوضاع التي، من خلال الوصول إلي رأس المال والتكنولوجيا، يمكن للعمال أن ينتجوا أكثر في نفس الوقت وأنهم سوف (بافتراض أنه يمكنهم الوصول إلي الأسواق) يحصلون علي دخول أكبر، والذي سوف يؤدي بعضه إلي صحة أفضل علي حين سوف يستثمر البعض الآخر في إنتاجية متزايدة وبتلك الوسيلة يجري الاحتفاظ بالقوي الديناميكية المحركة. والعمل ضد هذا "النمو من خلال الإنتاجية" هو قوة محركة (ديناميكية) أخري التي ربما توصف بـ "فيض الإنتاجية" أو أزمة فيض الإنتاج.  وينطبق هذا علي الأوضاع التي تؤدي فيها الإنتاجية إلي تعريض الوظائف للخطر (لأنه يحتاج إلي عمال أقل لإشباع السوق) وتعريض الطلب للخطر (لأن هبوط طلب العمال يخفض الطلب الاستهلاكي) وكذلك النشاط الاقتصادي.  
ويشير الاقتصاد السياسي للصحة إلي مجموعة من التحليلات والمنظورات حول السياسة الصحية التي تسعي إلي فهم الشروط التي تشكل صحة السكان وتطور الخدمات الصحية داخل السياق السياسي والاقتصادي الكلي. ومع ذلك، فإن العلاقات بين التطور الاقتصادي وتطور الصحة هي علاقات معقدة ويمكن أن تحلل منسوبة إلي مجموعة من الروابط المختلفة:
يؤدي النمو الاقتصادي إلي زيادة الموارد المخصصة من أجل الصحة (تحسين ظروف المعيشة وتحسين الخدمات الطبية)؛
يساهم تحسين الصحة في النمو الاقتصادي (تحسين إنتاجية العمل، وتخفيض الطلب علي النفقات الصحية)؛
تجري مبادلة صحة الناس في مقابل النمو الاقتصادي ("حوادث" التنقيب في المناجم، البيئة غير الصحية) ويمثل عبء المرض المرتبط بذلك ثمنا للنمو الاقتصادي؛
يحطم الركود الصحة (علي سبيل المثال، حيث تؤدي البطالة التي ربما تنتج من خلال "فيض الإنتاجية"، إلي نتائج صحية سلبية)؛
الكاسبون والخاسرون (التأثيرات التوزيعية الناجمة من الصراع التنافسي من أجل المزايا السياسية والاقتصادية، حيث تتعزز توقعات البعض ولكن تتقلص توقعات البعض الآخر).

أهداف التـعـلم :
 سوف يقوم المشاركون :
بتطوير الأدوات المفاهيمية من أجل تحليل البني والقوي المحركة الاقتصادية والسياسية (والروابط علي المستويات العالمية، والوطنية، والمحلية) التي تشكل إطار المحددات البيئية والاجتماعية للصحة، وإطار السياسة الصحية واتجاهات التمويل.
تطوير المهارات التحليلية الضرورية لتطبيق مثل تلك الأدوات لتحليل مجموعة محددة من القضايا الصحية.
المحتويات :
سوف نستكشف الاقتصاد السياسي للصحة من خلال التركيز علي الموضوعات الفرعية التالية:
العولمة والصحة (النظر في التفاعل بين النمو من خلال زيادة الإنتاجية وأزمة فيض الإنتاج والتضمينات بالنسبة للصحة الناجمة من التعديلات المختلفة المترتبة علي أزمة فيض الإنتاج التي تلوح في الأفق)،
التجارة والصحة (وتتضمن جولة أورجواي، ومنظمة التجارة العالمية، التمثيل التجاري للولايات المتحدة  USTR، التجارة الحرة أو التجارة العادلة، المعاملة الخاصة والتفضيلية (SDT)؛ التجارة من الجنوب للجنوب)؛ الزراعة، والغذاء، والجوع والفقر،
اتفاق التجارة في الخدمات والنظم الصحية (ويتضمن الضغط نحو الخصخصة والتأثيرات التي يتعذر إلغاؤها لاتفاق التجارة في الخدمات)،
التربس وشركات الأدوية الكبري (والإيدز، والسل وجولة الدوحة)
الغذاء
تنـــويه :
هذا الموضوع وضعه ديفيد ليج.

عربية